Description
img{max-width:100%}
الاسم : رواية آلموت
تاريخ النشر : 1938
عن الرواية : في ربيع العام 1092, شهدت طريق الجيوش القديمة, والتي كانت تتوغل ابتداءً من سمرقند وبخارى وصولاً إلى سفح جبل الإيلبوزر شمالي خراسان مرور قافلة على درجة من الأهمية, غادرت بخارى مع بداية ذوبان الثلوج, وغذت فالسير منذ بضعة أسابيع. كان قادة القافلة يلوحون بسياطهم, ويحثون بصراخهم الصاخب البهائم المنهكة تقريباً. كانت الجمال الوحيدة السنام, والبغال, والجمال ذات السنامين, تتقدم في رتل طويل, ورجال الموكب الذين امتطوا خيولاً صغيرة ذات شعر طويل, يتأملون سلسلة الجبال التي كانت تنتصب في الأفق بحالة من السأم من طول الانتظار
“آلموت”، يحمل العنوان اسم القلعةِ الَّتي نَقلت إلينا الرِّواية أسطورتها العجيبة، تلك الَّتي دارت أحداثها بين جدرانِ حصونها المنيعة. أسطورة الحسن ابن الصباح كما صوَّرها الكاتب، وقد اعتمد في نسج حبكته على أسس ووقائع تاريخيَّة، سرعان ما تنصهرُ في خياله السَّردي، لتَحُول قطعة من الأدب التَّاريخيِّ الثَّريِّ
ينتقل بنا الكاتب ببراعةٍ، بين جوانب القلعةِ الخفيَّةِ، فتارةً يُحدِّثنا عن حريمها، وسيرورة الحياة فيه، وتارةً أخرى ينقلنا للحديثِ عن الجنود والفدائيِّين وأهل الأمر في الأمر، ونظام الحياةِ الشَّاقِ الذي يلتزم به الأفرادُ، والكلُّ في هذه وتلك يلتزم أوامر شيخ القلعة، ذاك الَّذي تحوطه هالةٌ من الأسرارِ، تحُولُ الهيبةُ والرُّعب دون الاقتراب منها
ثمَّ أنَّ الكاتبَ يوحي لنا أثناء سفرنا معه في رحلة الكتاب، بأنَّ بعض الشَّخصياتِ محوريَّةٌ، سيتمركزُ العمل أو الحبكةُ حولها، لكنَّ تتابعَ الصَّفحاتِ سينفي عن القارئ كلَّ إيمانٍ بغيرِ الفكرة الشَّائِكة التي يحملها صاحب الأسطورة، حتَّى يترَّقبَ تمام إدراكِ فلسفتها. تلك الفكرةُ الَّتي جعلت من شيخ القلعةِ، يحرِّكُ الجميع، ونفسه نحوها في انسياق جنونيٍّ، وفي دهاءٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ فذَّين
“لاشيء صحيح، وكلُّ شيءٍ مباح” هذه العبارةُ كانت جوهر حقيقةِ تلك الفرقة الإسماعيليَّة، وكلُّ ما عداها من التَّفسيرات الَّتي تُقدَّم، كانت خيوطَ ابن الصباح لتحريك أنفس أتباعه، من العامَّة، ومن شبابٍ أغرار، يؤمنون به حدَّ الموت
تمكَّن الكاتبُ، بشكلٍ يشدُّ الانتباه، من الخوض في أغوارِ مختلف الشَّخصياتِ بشكلٍ سريعٍ أحيانًا، ومسهبٍ أحيانًا أخرى، مستخدمًا في ذلك العودة لتاريخِ الفردِ الشَّخصِّيِّ، لإدراك منبع معاناته، أو منبتِ عقدتهِ
كما أنَّ الكاتب وقد تعرَّض لحدثٍ تاريخيٍّ مستخدمًا إيَّاه، في حبكته وسرده، قد عرض الصُّورةِ خارجَ القلعة، بالطَّريقةِ التِّي يقدِّم فيها نقدًا لبعض فكرِ شيخها، فبدا بذلك كما لو أنَّه يعرضُ فلسفته الشَّخصيَّة التِّي يؤمن بها
الروايةُ كعملٍ أدبيٍّ، كانت مُحكمة البناءِ إلى حدٍّ جيِّدٍ، قد تدفع القارئ للتفكيرِ، أو تستفزُّه لجدال داخليٍّ يفنِّد فيه بعض الأقوال، ويؤوِّلُ بعضها الآخر
مع ضرورةِ الإشارةِ إلى أنَّ الرِّواية، لا تسردُ وقائعَ حدثت فعلاً، أو تطرحُ أفكارًا تبَّنتها الشَّخصياتُ الواردةُ فيها تاريخيًّا، إنَّما هي انعكاسُ خيالِ المُؤلِّفِ وفلسفتهِ وأفكاره